في الخامس من ذي الحجة 1444هـ الموافق 23 يونية 2023م نشرت جريدة أم القرى نظام المعاملات المدنية، والذي سوف يعمل به بعد مضي مائة وثمانين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، ضمن مبادرات تطوير البيئة التشريعية في المملكة العربية السعودية، ويأتي نظام المعاملات المدنية الذي يعد أحد أربعة أنظمة أعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، وهذه الأنظمة ستسهم في زيادة التنبؤ بالأحكام القضائية، ورفع مستوى الشفافية، إلى جانب تعزيز استقرار الأحكام القضائية، وزيادة الثقة في البيئة الاستثمارية في المملكة.
ونظام المعاملات المدنية هو مجموعة من القواعد والأحكام العامة التي تهدف إلى تنظيم أحكام العقود والمعاملات المالية بين الأفراد، ويعد النظام حاكماً على جميع المعاملات المدنية، ما لم يوجد نظام خاص ينظم معاملات خاصة فالعبرة بالنص الخاص.
ويهدف النظام إلى تعزيز استقرار التعاملات، وتقليل أسباب إبطال العقود أو فسخها، وتوسيع الحرية التعاقدية، فالأصل في العقود والشروط الصحة والجواز، وهذا ينسجم مع التطور المتسارع الذي تشهده المملكة والذي يتطلب مرونة في إنشاء العقود، كما يهدف إلى حماية الملكية الفردية، فحماية الملكية تسهم في زيادة النشاط الاقتصادي.
ومن أبرز الأحكام التي تضمنها نظام المعاملات المدنية ما يلي:
– تنظيم أحكام العقود والتعاملات المالية في الحياة اليومية العامة، مثل: تنظيم عقود البيع والإيجار والمشاركات والمقاولات وغيرها.
– وضع أحكام للتعويض عن الضرر في حال وجود فعل من شخص سبب ضرراً بالغير مثل الإضرار بالممتلكات أو الإضرار بالنفس، وبيان القواعد التي تحدد مقدار التعويض الذي يستحقه المتضرر.
– وضع القواعد والأحكام التي تضمن للدائنين استيفاء حقوقهم من المدينين وتوازن بين مصالح الدائنين ومصالح المدينين.
– تنظيم أحكام الملكية، وبيان القيود التي ترد على الملكية، مثل: تقييد حق الجار بألا يستعمل حقه استعمالاً يضر بجاره.
بالإضافة إلى ما سبق توسع نظام المعاملات المدنية في تصحيح العقد انطلاقاً من أن الأصل في العقود الصحة، كما قرر النظام قاعدة منع التعسف في استعمال الحق، وبين الحالات التي تتضمن تعسفاً في استعمال الحق، كتعمد الإضرار بالغير، أو أن تكون الغاية من استعمال الحق غير مشروعة، كما نظم بوضوح نظرية الظروف الطارئة وبين ضوابط الحالات التي تطبق فيها النظرية، والظروف الاستثنائية.
كما نظم الأحكام المترتبة على رفض الدائن للوفاء، فجاء النظام بإجراءات محددة لمعالجة الأمر، مثل: أن يعذر المدين الدائن بقبول الوفاء وفق الإجراءات النظامية للإعذار، ويترتب على الإعذار أن تبعة الهلاك محل الوفاء تنتقل إلى الدائن ويكون للمدين الحق في إيداع الدين لدى الجهة المختصة.
ونص نظام المعاملات المدنية على أحكام التنازل عن العقد، فهذا التعامل صار له أهميته في ظل اتساع النشاط التجاري وحاجة كثير من المتعاملين إلى التنازل عن العقد ليحل محله المتنازل إليه في جميع الحقوق والالتزامات التي تضمنها العقد المتنازل عنه.
وجعل نظام المعاملات المدنية الحق في التعويض عن الضرر شاملاً للتعويض عن الكسب الفائت، فإذا كان المتضرر ينتظر كسباً محققاً أو أرباحاً محققة ثم أضر به آخر حتى فوت عليه هذا الكسب المحقق فللمتضرر الحق في المطالبة بالتعويض عن الكسب الفائت، ويمكن للمحكمة أن تعوضه بقدر ما فاته من كسب.
وأثبت نظام المعاملات المدنية الحق في التعويض عن الضرر المعنوي، فإذا أصاب شخص أذى نفسي أو ضرر في سمعته بسبب اعتداء أو فعل من شخص آخر، فللمتضرر الحق في التعويض، والنظام في هذا يتماشى مع التجارب الحديثة في هذا الشأن.
ونظم نظام المعاملات المدنية أحكام التعامل مع المال الشائع -أي المملوك لأكثر من شخص ملكاً مشتركاً، كعقار يشترك في ملكه أكثر من شخص، ووضع النظام ضوابط وإجراءات تنظم حقوق الشركاء.
وقرر النظام أحكام التقادم المسقط للدعوى، فالأصل أن كل حق يمضي على نشوئه عشر سنوات فليس لصاحبه المطالبة به بعد ذلك أمام القضاء؛ تحقيقاً لاستقرار التعاملات وحتى لا يتراخى أصحاب الحقوق عن المطالبة بها، كما قرر النظام أحكام الارتفاق، مثل: حق المجرى، والمسيل، والمرور ونحوها.
تضم شركة جديرون للمحاماة والإستشارات القانونية نخبة من المحامين والمستشارين القانونيين ذوي خبرات واسعة في تقديم الإستشارات القانونية في جميع المجالات، بما في ذلك القضايا المنازعات الناشئة عن المعاملات المدنية.
للمزيد من المعلومات عن خدماتنا يمكنكم زيارة قسم الخدمات القانونية